الأحد، 21 أغسطس 2011

الشحات البطل


مررت على كوبرى الجامعة , وقفت انظر الى النيل الفسيح , ثم أدرت له ظهرى, ليس لعلمى أنه ملوث بل لكبرحزنى " الحزن نفس الحزن", سرحت بهمومى و اذا بعينى "تخزقها " قطعة قماش بيضاء ,تتوسطها نجمة و خطين باللون الازرق , "تصدقول بالله" شعرت "بقرف" و اشمئزاز و قبضة زادت همومى هم .سرحت بى مخيلاتى المريضة و تخيلتنى ملثم يفجر السفارة بالعمارة , لكن سرعان ما ذكرنى لسانى بأنه " يا ولاااااد الكلب !!! واخدين السفارة فى العمارة عشان معرفش أفجركم !!" , فما كان منى الا الاذعان لقلة حيلتى و الرضا بأن أكون_فى خيلاتى_ مازينجر , يمد يداه _الطويييييلتان_ لينزع قطعة القماش ويقطعها اربا ! , و للمرة الثالثة انتزعنى شيئا من خيالاتى , لكن هذه المرة هو انتزاع حقيقى , انتزاع بطولى , انتزاع يستحق له التوقف .
لقد فعلها "أحمد الشحات" ابن الشرقية , فعلها و حقق جزء من ارادتنا المقودة , فعلها بالأمس بعد تفكير ساعات , اقتحم فيها العمارة المجاورة وتسلل منها الى السفارة و ينتزع من على المبنى العلم الاسرائيلى و يضع بدلا منه العلم المصرى , و لن أستفيض فى ما فعله لأننا جميعا شاهدناه بالأمس.

لكن ما فعله "الشحات" سيجعلنا نقف عند محطتين هامتين, الاولى هى التاريخ و الثانية هى المستقبل ,و هما متصلان ببعضهما اتصالا وثيقا تتوقف فيه الاولى على الثانية , فالتاريخ سيكتب ما فعله هذا المصرى _رضينا أم أبينا_ , لكن "نحن" من سيحدد الصيغة التى سيسجله بها ما فعله, أسيكتب " أن فى اليوم الفلانى قام أحد المصريين اثر مشاعر حماس بنزع العلم الاسرائيلى من على السفارة الاسرائيلية. انتهى الخبر" , أم سيكتب ".. و هكذا انضم "الشحات" الرجل المصرى الذى تسلق العمارة التى بها السفارة الاسرائيلية لينتزع العلم الاسرائيلى ويضع مكانه العلم المصرى الى قائمة الافراد الذين غيروا التاريخ , غيروا سياسات العالم و حركوا شعوب , أمثال , "منتصر الزيدى" _الذى القى بحذاءه بوجه الرئيس الامريكى السابق جورج بوش _ احتجاجا على السياسات و الانتهاكات الامريكية فى العراق , و "رائى أبيليا" الناشطة الامريكية اليهودية التى قاطعت حديث "نتنياهو " فى الكونجرس صارخة :" كفى احتلال. أوقفوا جرائم الحرب الإسرائيلية" .

 نحن من سيحدد الايام المقبلة كيف نريد أن يكتب التاريخ ما فعله "الشحات" , أسنهلل و نفرح ثم مثلما يقال " كل واحد يروح لحال سبيله " , لنأتى فى اليوم المقبل, لندنس أيدينا فى صفقة أدوية أو اتفاقية مواد غذائية أو بعثة مهندسين اتصالات و مهندسين زراعين مع هؤلاء الرعاع !!! أو حتى استمرا العمل بنصوص اتفاقية كامب ديفيد , هذه الخرقة البالية المنتهكة منذ عقدها !
فلنمجد البطولة و نضعها صوب أعيننا , تكون لنا مشكاة فى طريقنا , طريقنا الى قضيتنا الاولى . فويل لمن يزايد على أنها بطولة و أنه عمل عاديا يستطيع الكثيرين فعله , فلو كان لماذا لم يفعلوا ؟ّ! . الافراد يغيرون التاريخ , ان نسينا أسماء الابطال فيجب ألا ننسى البطولات , التى أخرجت السخط عربى و العالمى تجاه هذا الكيان و هذا المؤسسة الصهيونية لتتجلى فى عمل , ينتقل بالقضية من سخطها الشعبى الى سخطها الدولى ,من معاداة شعب الى دولة, الى معاداة دولة الى دولة , فدعونا نرحب "بمصر الدولة " بيننا , "مصر" كدولة معادية رسميا لدولة اسرائيل , و تذكروا اننا لن نستطيع الذهاب الى فلسطين مادمنا دولة محتلة و لن نستطيع الامساك بسلاح و تصويبه نحو العدو مادمنا نرفع علمه فى سماء وطننا .

و لم يتبق لنا الا تحية شهداء الجيش المصرى الذين ضحوا بأرواحهم و هم يؤدون عملهم لحماية هذا الوطن و رفعة شأنه , انتم فخر مصر , و نحن أمل مصر .

سارة الصادق