منذ قرون_ ليست ببعيدة_ عاش ثلاثة حكماء فى قرية واحدة , نشروا نفس التعاليم و القيم , يختلف كل منهما مع الاخر لكن لا يكتمل أى منهم الا بوجود الاخر .
فى يوم من الأيام اجتمع الحكماء الثلاثة لمناقشة أمر طارىء فبدأ الحكيم (1) قائلا :
- ما هذا الذى حل بأهل القرية , تشتتوا , يرددون أفكارا غريبة ليس من أى من كتبنا , متخذين ترهات القول منهجا لهم ....ماذا حدث لأهل القرية ,ماذا حدث لأهل القرية ؟!
قاطعه الحكيم (2):
و ماذا ستفعل اذا عرفت أن من نشر هذه الافكار هم فقهاء القرية و حجتها , فهم يقفون بالاسواق فى دوائر ينشرو من الكلام ما بطش ,مستغلين ترك الناس لكتبنا !!
سكت الحكيمان ثم نظرا الى الحكيم (3) الذى كان غارقا فى التفكير و كأنهما يدعونه لمشاركتهم الأمر ....فقال لهم :
اذن , لقد عرفنا العلال و المعلول .. سكت لبرهة ثم قال :
أسمعتما أخبار القرية المجاورة ؟؟
رد كل منهما بالنفى فاستطرد :
انها قرية يساعد فيها غنيها فقيرها , يرحم فيها السيد خادمه , لا يزدرى فيها الاخ أخيه بسبب لونه أو عرقه , يحترم كل منهما رأى الاخر , لا يسعون فى الارض فسادا فلا ينشرون الشائعات و لا الفتن بين بعضهم البعض و ينام فيها كل فرد و هو مؤدى واجباته .
بدت الدهشة واضحة فى عينين الحكيمان و هم يسألان:
و من هو حكيم هذه القرية ؟!!
تبسم الحكيم (3) قائلا :
-انها قرية بلا حكيم !!.......فما بالكم اذا كانت بحكيم ...و لأننا لن نستطع الذهاب الى هناك فى الوقت الحالى بسبب جهلم بنا و تدهور أحوال أهلنا فسنأخذ من أهل قريتنا رجل ليمض ثلاثة أيام هناك و سنأخذ من أهل قريتهم رجل ليمض ثلاثة أيام هنا أما نحن فسنخرج بعيدا عن القريتين متخذين موضع المراقبة و التدوين و التحليل ....اتفقنا ؟
_اتفقنا !!
و فى صباح اليوم التالى اتخذ كل منهما موضوعه فذهب كل من الرجلين الى قرية الاخر و خرج الحكماء الثلاث الى موضعهم و لمدة ثلاثة أيام استمر فيها عمل الحكماء بدأب , و بعد انتهاء الفترة جاءا بكل من الرجلين ليتحدثا الى أهل القريتين , فتكلم رجل القرية المجاورة :
لقد أصبت بالذهول عندما علمت أن هناك أناسا يمتلكون مناهج عظيمة تسهل لهم حياتهم و تعرفهم الحق من الباطل دون عناء , و رأيت ما كان أهل قريتى يفعلونه فى هذه الكتب بما فيها من قيم و مبادىء و ما كانوا يفسدونه و تمنيت لو يأتى أهل قريتى لينهلوا من هذه الكتب .
يا أهل قريتى انظروا الى ما يمتلكه هؤلاء , فلديهم من المناهج ما يستطيع أن يصلح ما أفسدنا بعضه .
ثم جاء دور رجل (قرية الحكماء) فقال :
لقد كدت أصاب بالجنون فى اليوم الأول فلقد رأيت الناس الكفرة التى طالما حدثنا عنهم شيوخنا و رأيت كيف هم يعملون بكد , يعطون كل ذى حقا حقه , لا يتعدون على حريات الاخرين , لا يسيطرون على أحد بحجة انهم أرجح منهم عقلا فالجميع هناك سواسية لا يميزهم الا عملهم . انهم يفعلون ما هو فى كتاب الحكماء التى تركناها نحن دون أن يعلموا .
يا أهل قريتى ارجعوا الى كتب حكمائنا و انتهلوا منها معرفتكم و ليس من هؤلاء الذين يقفون فى حلقات الاسواق .اخرجوا من مظلمة الجهل الى النور.....
هنا علم الحكماء أن كلتا القريتين أمامها الكثير من العمل , فابتسموا مبتعدين عن الساحة ......
سارة الصادق